ترتكز الأعمال البحثية للباحث في الجامعة الأميركية في بيروت ومدير الشؤون العامة لأساتذة العلوم الأساسية في كلية الطب البروفسور جورج نمر على معرفة وتحديد الأسباب الجينية لأمراض القلب عند الأطفال والكبار. اذ يتسبّب خلل في تركيبة الحمض النووي في الخلايا بمشاكل في تركيبة عضلة القلب ووظيفتها. وفي بعض الحالات، يؤدي الخلل في عضلة القلب الى وفاة الجنين في احشاء الرحم. وتشكّل المشاكل الخلقية في القلب السبب الأول لحالات الوفاة الطبيعية في العام الأول من العمر عند الأطفال. أما عند الكبار، فيؤدي وجود خلل في تكوين القلب الى زيادة المشاكل القلبية. وتشير الأرقام، وفق نمر، الى ان لبنان يسجل نحو 650 حالة سنويا من الولادات الذين يعانون تشوهات قلب مرتبطة باسباب جينية.<!--more-->
يساعد تحديد الأسباب الجينية لأمراض القلب الخلقية على رفع الوعي، والوقاية واتخاذ الاجراءات الطبية المناسبة، وعلى دراسة بعض الطفرات الجينية الخاصة ببعض العائلات ما ينقذ بعض المواليد الجدد، ويحمي الأفراد. فتساهم، بذلك البحوث العلمية، في هذا المجال في التعمّق أكثر في معرفة المسببات والوقاية منها، وفي بلورة علاجات وتدخلات طبية تساهم في انقاذ المواليد، وفي تحسين نوعية حياة المرضى.
يقول نمر انه في العالم العربي، لا يتم تسليط الضوء على الأبحاث العلمية ونتائجها وأثرها على التطور الطبي. فعلى سبيل المثال، يسلط الصحافيون الضوء، في بعض الحالات، على بعض الاختراعات العلمية في لحظة معينة من دون ان يكون هناك متابعة لحيثيات الاختراع وللبحث العلمي من قبل الصحافيين.
يلفت نمر الى ان الصحافة تشكّل عاملا اساسيّا في تغيير نظرة المجتمع وتوجهاته، اذ ان تناول الصحافة المعطيات البحثية ونتائجها يجذب الأفراد للمعلومات الجديدة، ويسلط الضوء على ما يقوم بها الأفراد في المؤسسات الأكاديمية والبحثية ويشجع بالتالي الأفراد والشابات والشبان على الانخراط في العمل البحثي. غير ان نمر لا يلوم الصحافيين على هذا التقصير بل يعيد السبب الى المؤسسات الأكاديمية والسلطات المحلية التي لا تعمل على تعميم نتائج البحوث العلمية الى العامة، وعلى نشر حيثيات الأبحاث ونتائجها في مختلف منصات النشر للعامة. فالباحثون العلميّون ينشرون بحوثهم العلمية المحكمة باللغات الأجنبية وفي مجلات علمية عالمية، من دون ان تتوافر في لبنان مجلة علمية محلية محكمة معترف بها عالميا ولديها
معامل تأثير (Impact factor) عال، كما لا نشهد محاولات لنشر بعض الأبحاث أو حتى بعض الخلاصات في اللغة العربية.
من ناحية أخرى، يركّز نمر على عدم وجود تنسيق وتواصل بين مختلف الجامعات في لبنان بغية تشارك الأبحاث العلمية بين الباحثين، ولا يوجد تنسيق مع الوزارات المختصة في تقويم الأعمال البحثية أو في استثمار نواتج البحوث العلمية او في تنفيذ توصياتها.
يؤكّد نمر على ضرورة تفعيل وتعزيز التواصل بين الباحثين والمجتمع ما يساعد على تطوّر العمل البحثي من جهة، وعلى تطوير المعرفة المجتمعية من جهة أخرى، مع الاشارة الى وجود بعض المبادرات الفردية من قبل بعض الباحثين في هذا المجال.